عاد قيس للبيت فوجد أباه ينتظره على مائدة العشاء فجلس معه ثم بادر طارق بالكلام"أين كنت طيلة اليوم ،ليس من عادتك ترك مائدة الغذاء ....أم سحرتك الحسناء"....ارتبك قيس قليلا ثم قال :" أبي أنت لا تعلم أني أحبها وسأكون أسعد مخلوق في الكون لو رافقتني لأتقدم لها" ...ضحك طارق بصوت عال ثم قال :" ألهذه الدرجة ...يا حبيبي أظن أن سحرها فعال ،لن أوافق على زواجك منها ،ألا تعلم أنها ابنة مجرد حارس ، ماذا سيقولون عني الناس ،طارق صاحب أكبر شركة تجارية في البلاد يزوج ابنه من فتاة أبوها حارس في الشركة " ، ثم أمره أن لا يقابلها بعد الآن وينسى هذا الموضوع نهائيا ...ثم قال له "ليكن في علمك أمك غدا آتية ، ومعها ابنة خالتك يعني خطيبتك بدر البدور" ، ردّ قيس غاضب "أبي لا تقول على تلك الفتاة أنها خطيبتي ،لأن ما بيني وبينها انتهى منذ وقت طويل ..وذلك حين عرفت أنها تريد الارتباط بي من أجل ثروتي .." ، ردّ طارق :" هيّا الآن لنأكل في صمت ...و إن لم يعجبك فنم أحسن لكَ " ، قام قيس من المائدة وقال :"لقد شاركت ليلى وعائلتها مائدة العشاء اليوم ، أنا لا أحس بالجوع "...ثم صعد الى غرفته وترك أباه يتخبط في غضبه وانفعاله ....
في تلك الليلة قرر العم عمر أن يخبر ليلى على طلب قيس...قص لها كل ما دار بينهم من حديث ، ثم قال لها ما رأيكِ عزيزتي ، خجلت ليلى كثيرا رغم أنها ليست أول مرة يقال لها ان فلان طلب يدك لأن قبل قيس تقدم لها الكثيرين لكنها لم تقبل لأنها أرادت أن تكمل دراستها ، لكن هذه المرة ليست مثل عوائدها ، لأن ليلى كانت سعيدة جدا ، وكأنها كانت تنتظره حتى تكتمل العناصر كما في قصة قيس وليلى لم تستطع ان تتكلم مع أبيها ، لأن الكلمات ضاعت منها لدرجة انها لم تعرف كيف تبتسم ولكن سبقت ابتسامتها دمعة تعبر عن حزنها الشديد ثم ارتمت في حضن أبيها وهي تقول ليت أمي هي من قالت لي هذا الكلام ، ليتها كانت معي لتشهد هذا الحال ، لتشهد سعادتي وفرحتي يا أبي الغالي .... " ، رد عليها :" أعلمي بنيتي أن أمك ستكون مرتاحة في قبرها حين تعرف أنك سعيدة ،و أتمنى ان تكون هذه علامة على رضائك بقيس" نظرت ليلى لأبيها مبتسمة وقالت :" نعم يا أبي ،أنا موافقة "....ثم قامت وذهبت لغرفتها .....
وصلت ام قيس مبكرا ومعها بدر البدور ... فرح قيس كثيرا ، لأنه يعرف أن أمه ستقف معه في موضوع طلب يد ليلى ... وبعدما ارتاحت من تعب السفر ...جلست لجانب قيس وقالت له :"ها قد عدت لك يا صغير المدلل ، كيف حالك ، وكيف هي حياتك مع والدك ...ويجب ان تحكي لي ما هو جديد في حياتك حتى أطمئن عليك قيس " قص لها قيس كل ما حدث له طيلة مدة غيابها ، وكيف تعرف بفتاة أحلامه ليلى ،وما علاقتها بدخول عمها للسجن ... فرحت أمه كثيرا ، لأنه اختار فتاته على ذوقه وليس مرغما كما حدث مع ابنة خالته ، ثم سألها قيس: " أمي لماذا أحظرت تلك معك ؟" ، ردت الأم قائلة: " أتت هنا لترتاح قليلا فقط ، ولكن أحس أنه ليس هذا هو السبب ، لأنها لم تكف على السؤال عليك في الطائرة ...وكن لا تخف ، لن اسمح لها أن تفسد حياتك ..." . دخلت بدر البدور محيِّيَة :" مرحبا قيس، كيف حالك يا ابن خالتي ؟" ، ردّ عليها :" أهلا بدر البدور ، أنا بخير ...دونك " ...أرادت بدر البدور أن تغير الموضوع لأنها تريد مسح تلك الصورة السيئة التي أخذها منها في الماضي ، فقالت "قيس ما رأيك لو نخرج نتفسح قليلا ، لأني مشتاقة لجمال مدينتكم الساحر ؟" ، كان هذا رأي أم قيس أيضا لأنها تريد الخروج و التنزه مع ابنها العزيز ... وافق قيس لأن أمه طلبت ذلك ....
حجز قيس طاولة بها أربع أماكن ، استغربت بدر البدور وقالت :" هل العم طارق سيأتي معنا أيضا " ، ردّ قيس بسخرية :"وهل الأمر يُهِمُكِ ؟" ، ما كان عليها سوى الصمت وتغيير الموضوع كالعادة....قام قيس و ابتعد عنهم قليلا ، ثم اتصل بليلى وطلب منها أن تحضر لهذا العنوان و أعطاها إياه ...قالت له ليلى أنها ستصل خلال ربع ساعة فقط ، لأنها قريبة من المطعم ...ثم عاد قيس حيث أمه ، جلس وهو ينظر إلى الساعة في يديه كل لحظة ،انتبهت أمه فقالت مستغربة :" قيس لماذا لم يحظروا الأكل بعد ،ولماذا لا تكف على النظر للساعة " ،قال لها قيس مبتسما :" اصبري يا أمي لأن الصبر جميل ،لي مفاجأة لكي يا أمي –ثم نظر لبدر البدور – ولكي ابنة خالتي ..." ،وبينما هم جالسون على تلك الحال وصلت الحسناء الجميلة ليلى وقالت :"مرحبا قيس..." ، قام قيس قائلا :"أهلا ليلى ،كيف حالك ..وكيف حال العم عمر ..؟" ردّت عليه : الحمد لله الكل بخير ..." ،ثم التفت قيس لأمه وقال :"أمي أريد أن أقدم لكي فتاتي التي اخترت ، هذا لأنها حسناء وجميلة،وما في قلبها ظاهر على وجهها ..."، ابتسمت ليلى واحمرت خجلا ... تقدمت منها أم قيس وسلمت عليها ثم قالت :"أهلا ليلى...ما شاء الله على هذا الجمال الساحر ، أتمنى أن تجدي السعادة مع ابني الوحيد وتسعديه ،و أتمنى أن يدوم حبكما مهما حصل ، وينمو مع الوقت الذي تقضيانه معا ..."، تشكرت ليلى أم قيس ، ثم التفتت لبدر البدور وقالت :"هل لي التعرف عليك يا آنية ..؟" ، وقفت بدر البدور والغيرة تملأ عينيها الحاقدتين وقالت ببرودة "معك بدر البدور، أنا ابنة خالة قيس وخطيبته..السابقة ..." ... انزعجت ليلى لطريقة كلامها معها ...وأحست أنها ليست لطيفة ثم طلب قيس من الجميع الجلوس ،لان وقت الغداء قد حان ...كان جميع سعيدا ماعدا بدر البدور فهي تفكر في طريقة تخلصها من ليلى ... وبعد الانتهاء استأذنت ليلى مغادرة ، أوقفها قيس وقال :"هل أنت ذاهبة للجامعة؟ " ،ردت عليه "نعم عندي محاضرة مهمة ويجب أن أحضرها "،ابتسم وقال :"جيد أنا أيضا ذاهب هناك ..سنذهب سويا ، لأنه لدي ما أحدثك فيه "، طلب من أمه الإذن وطلب منها أن تتصل بالسائق حتى يوصلها لم تعارض أمه على ذهابه أبدا ، بل أنها سعيدة جدا ...لأنها ارتاحت لليلى كثيرا ...أما قيس فإنه اغتنم الفرصة أنهما وحدهما حتى يحكي لها ماجرى في الماضي وماهي قصة بدر البدور ...تفهمت ليلى الأمر ...ولكن ما يزعجها أن بدر البدور في بيته وهذا لا يريحها أبدا .... قال له أن لاتهتم لأمرها أبدا لأنها ستعود لبلدها في القريب العاجل لأنها لن تتحمل الوضع مع غيرتها الزائدة وحقدها اللامتناهي ....
مرت الأيام وتفاهم الطرفان يعني -أم قيس و العم عمر ،قيس وليلى- على كل الشروط والطلبات ...
تخرجت ليلى وأصبحت محامية ناجحة فقرر قيس أن يهديها وضيفة هذا لأنه يعلم أن أباها لا يعمل وأنها تعيل عائلتها بالمنحة التي كانت تقدم لها في الجامعة...... فرحت ليلى كثيرا هكذا تكون قريبة من قيس ....
عينت ليلى في شركة الأستاذ طارق كمحامية ،تهتم بكل مشاكل الشركة ونساعد في حلها كان راتبها معقول حيث أنها أزاحت غمامة الفقر والحرمان على عائلتها ..... في اليوم من الأيام دخلت ليلى مكتبها مبكرا وهي متفائلة كالعادة وبالصدفة وجدت على مكتبها ورقة مكتوب عليها " ابتعدي عن طريقي أيتها الفقيرة " ظنت ليلى في بداية الأمر أنها مزحة ... ولم تخبر أحد بتلك الورقة .... ونسيت أمرها بتاتا ،وفي يوم آخر وجدت ورقة أخرى بنفس الخط مكتوب عليها " ابتعدي عن قيس "، ارتعبت ليلى كثيرا فأخذت الورقة وذهبت تجري لقيس وقصت له كل ما جرى .... هدئها وطلب منها أن تتأكد أنه لن يتركها ولن يتخلى عنها، وأنه سيجد من صاحب هذه الأوراق ، وما يريده منهما .... في مساء ذاك اليوم أخبر أمه بما حدث مع ليلى ،حيث أن بدر البدور سمعت ذلك ارتبكت كثيرا لأنها أحست أن الكل يشك فيها .. ذهبت مسرعة لغرفتها ... لحقها قيس .أستأذن ثم دخل ... ظل ينظر إليها مدة ، قالت له :" لماذا تنظر لي هكذا هيا قل ما عندك ، لأني لن أنتظرك طويلا " ، قيس : " حسنا ، بدر البدور أريد أن أسألك سؤال مرة واحدة ولن أعيد وأريد الإجابة بكل صراحة ... " ، بدر البدور: " هات ما عندك خلصني" ، قيس : " هل أنت وراء ما جري لليلى في الشركة ..." ، قاطعته قائلة : " ماذا ؟؟..أتشك بي ..وما مصلحتي أنا بذلك ،ليكن في علمك فقد نسيت الماضي كليا ، وبالمناسبة أنا سعيدة لكما وخاصة لليلى على أنها وجدت عريسا مثلك..." قالتها والغيرة تكاد تفقدها صوابها ... لم يصدق قيس كلامها ...
يتبع+يتبع+يتبع