amazigh النائب
عدد المساهمات : 210 نقاط : 585 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 04/07/2009 العمر : 30 الموقع : http://www.achamel.info/Lyceens/cours.php?id=670&idc=1
| موضوع: أشبـاح المطـر السبت نوفمبر 21, 2009 2:21 pm | |
| سكونٌ في ظلامٍ دامسٍ عمَ أرجاء المدينة في ليلة مريبة مخيفه ، صحبه بعدةِ ثوانٍ غيوم سوداءٌ جاءت تسبح في منبع السماء بهيجانِ ساخط لتنزل من جعبتها أمطارٌ تَدفقتْ كالوابل وكذا رعدٌ وبَرقٌ زلزلا الْمدينة بأكملها ، جعلني هذا استيقظ وأنا فزعٌ مرتاباً من النومِ..!
أقبلت نحو نافذتي وفتحتها ويديّ ترتجفا خوفاً ونبضات قلبي تتسارع وأنا أخاطب نفسي: يـا إلهي كم هذا مخيف ، لم أرى المطر في حياتي يتساقط بهذهِ السرعة..! ، كما أن الأجواء قبل نومي كانت هادئة جداً ولم تنم على حدوث كل هذا..! ، ترى ما الذي يجري..؟!
صرخت من الفزع في هذهِ اللحظة عندما سمعت اهتزازاً صدر من خزانتي..! ،
تعمقت عيناي بالنظر إليها وهي لا تزال تهتز وفي كل هزةٍ تشتد قوة..؟! ، آه .. كم هذا مخيف ، جعلني أتجمد في مكاني دون حراك ، هل أتقدم لأرى ما الذي يجري للخزانة أم أذهب لوالديّ لأجد الأمان بقربهما..؟!
تحدثتُ عندئذٍ بصوتٍ مرتعد: لمَ الخوف..؟! ، ربما كان هذا من تأثير المطر أو الرعد الذي يكاد يزلزل المدينة من قوته وكثرته فلا وجود للأشباح كما قالت لي أختي رقية ، إذاً لا داعي لخوفي
ولكن هنالك شيء مريب في كل ما يحدث فأنا لا أرى أي شيء يهتز أو يتحرك غير هذهِ الخزانة التي لم تتوقف إلى الآن عن هذا الاهتزاز الذي بدأ يخيفني حقاً..؟!
مع كل ما جال في عقلي من أفكار سوداء زَيدت الخوف والرعب في قلبي تقدمت نحو خزانتي وأنا أبتلع ريقي ببطءٍ بخطواتٍ ثقيلة إلى أن توقفت عن الاهتزاز عندما وقفت أمامها..!
مددت يدي اليمنى التي لا تزال ترتجف نحو الخزانة وأنا أحاول فتحها إلا أنها عادت لتهتز قبل فتحي لها فوقعت أرضاً وأنا أصرخ بقوة وأردد:ماما .. ماما .. ماما ساعديني
تساقطت دموعي شيئاً فشيئا وأنا أحاول النهوض ورجليّ لا تكادا تساعدانني على النهوض من الارتجاف فرعدت السماء بقوةِ وفتح باب غرفتي بمستوى قوة الرعد..؟!
تزفرت زفرة كادت تسلَ روحي منها وأنا أحدق إلى الباب فلم أجد نفسي إلا أن خرجت وأنا أركض بأقصى طاقتي إلى غرفة والداي
طرقت الباب بكلتا يديّ وأنا أصرخ ودموعي لا تزال تسقط: ماما .. ماما .. بابا ، استيقظا ، هنالك شيء مخيف يحدث في غرفتي ، أنا خائف ، استيقظا أرجوكما
لم يجبا وليست هذهِ من عادتهما..؟! ، فلم يكن لدي الخيار إلا أن مددت يدي نحو قبضت الباب ففتح بنفسه..؟! ، دخلت وأنا أمسح دموعي بكلتا يدي فلم أجدهما..!
اقتربت من مهد أختي بنين لأتفقدها فلم أجدها فيه أيضاً..؟! ، زُيدت المخاوف أكثر فأكثر في فؤادي فركضت لغرفة رقية لأجد بابها مفتوح..؟! ،
ترددتُ دقائق معدودة في الدخول ، ولكن خوفي الشديد وقلقي جعلاني أستسلم للأمر وأدخل وأنا لا أزال أرتعش فلم أجدها أيضاً..؟! - جلستُ على فراشها وعينيّ لا تتوقفا عن ذرف الدموع لشعوري بالخوف مما يجري والوحدة في آنٍ واحد فليست من عادت والداي تركي لوحدي في المنزل حتى وإن كنت نائماً
جلست عدة دقائق في غرفتها وأنا هائمٌ في التفكير فيما يجري إلى أن قطع حبل أفكاري وجعلني أرتعد اهتزاز خزانتها
خاطبت نفسي وعينيّ متسعتان من الدهشة والرعب: ما الذي يجري إلى الخزائن..؟! ، ما السر في اهتزازها..؟! ، هل تسكنها الأشباح يا ترى..؟!
نفيت سؤالي بصوتٍ أعلى: لا .. مستحيل ، لا وجود للأشباح في الواقع فهي من محض الخيال ، ربما بسبب تأثير الأنفلونزا علي خُيل لي كل هذا
نهضت من فراشها وأنا أتابع حديثي: سأذهب لغرفتي كي أنام وأرتاح فالتعب والإرهاق جعلاني أتخيل أشياء لا مكان لها من الواقع
رفعت رأسي فتوقفت الخزانة عن الاهتزاز ولكني لم أبالي بها..! ، فتأهبت للخروج من غرفتها إلا أني لمحت طيف شخص أمسك بقبضة الباب بقوة وأغلقه عليّ بالمفتاح ، فأسرعت محاولاً فتحه وصارخاً في آنٍ واحد: أفتحوا الباب ، أفتحوه ، إن كنتِ أنتِ يا رقية فهذهِ مزحة سخيفة وسألقنكِ درساً لن تنسيه إن لم تفتحي الباب ، هيا أفتحي الباب ، أرجوكِ ، رقيه .. أختي أفتحي الباب
بينما أنا أحاول وأترجاها لتفتح الباب سمعت صدى ضحكة فتاة صدرت من الخارج أخافتني كثيراً وجعلتني أرتعش بشدة وأبتعد عن الباب فأخذت نفساً عميق وأنا أسمع الخطوات والضحكة تبتعدا شيئاً فشيء عن الغرفة
جلست من جديد على الفراش وأنا متجمدٌ فلم تكن تلك الضحكة ضحكة أختي أو والدتي ، كانت ضحكة مخيفة لم أسمع بمثلها قط
سمعت صدى صوت فتاة من خلفي وأنا لا أزال أفكر فيمن قد تكون صاحبة تلك الضحكة المخيفة: هـل تريد الخروج..؟
نهضت ببطء من شدة الخوف فرجلاي لا تزالا متجمدتان بعض الشيء وأنا أستدير إلى مكان الصوت فلم أجد أحداً..؟! ، ماذا يعني هذا..؟ ، هل بدأت أصاب بالجنون أم لا تزال كل هذهِ الأشياء التي أراها مجرد أوهام أختلجتني بسبب التعب والمرض..؟!
عدت من جديد لأبكي: كيف أستطيع الخروج من هنا الآن..؟ ، لمَ تركاني والداي وحدي..؟! ، لا أستطيع تحمل كل ما يجري ، سأموت من شدة الخوف .. سأموت
رعدت السماء من جديد ، والمطر لا يزال يتساقط بغزارةٍ والبرق يضيء المكان كله ، وعادت الخزانة للاهتزاز ، وبدأت الأضواء تنطفئ وتشتعل لوحدها ، وكثرت الخطوات خارج الغرفة والضحك والصراخ في آنٍ واحد مما جعلني لا أستطيع التحمل ، أمسكت بأحد الكراسي وحاولت رفعه إلا أن هذا كان صعبٌ عليّ قليلاً ، فاستطعت بعد عدة ثوانٍ حمله وكسرت به إحدى النوافذ
عندئذٍ سمعت أصوات متذبذبات من خلف الباب تهمس وتتحدث وتكرر: مجتبى .. مجتبى ، أتريد الهروب منـا..؟! ، لن تستطيع ، مجتبى ، لا مجال للهروب
أخافتني هذهِ الجمل التي لقطتها مسامعي فصعدت لنافذة وقفزت منها من شدة الخوف الذي لم أعد أستطيع تحمله
نهضت من على الأرض مبتل الجسد وضممتُ يدي اليمنى إلى صدري فهـي من تأذت من جسدي ، وشعرت ببعض الدوار مما جعلني أفتح عيني وأغلقها بين حينٍ وآخر ، وأنا لا أزال أسمع أصوات وهمسات أولئك الذي كانوا أمام غرفة أختي
سرت نحو باب منزلنا وأنا أحدث نفسي: إلى أين أذهب الآن وبمن ألود..؟! ، أأجلس أمام منزلنا وأنتظر عودة والداي مع أختاي أم أسير إلى منزل أحد أقاربي إلى حين عودة عائلتي..؟! ، آه .. إنني في حيرة من أمري ، والخوف لا يزال يتملكني والأصوات لا تزال تلاحقني ، إذاً ما العمل..! ، ما العمل..؟!
أقشعر جسدي حينما شعرت بيدي أحدهم توضع على كتفي وهو يهمس في أذني بصوتٍ ناشز: مجتبـى
لم أستطيع الحراك ولا الاستدارة لخوفي من المجهول ، فربما لن يسرني ما سأراه خلفي ، فتصبب جبيني عرقاً وأحسست بحرارة تتدفق في كل أنحاء جسدي وأنا لا أزال واقفاً دون حراك والمطر يتساقط عليّ وصوت الرعد يرهبني من قوته
أخذت نفسٌ عميقاً جداً وحاولت إبداء الشجاعة فاستدرت ببطءٍ فلم أجد أحداً ، عندئذٍ تنهدت براحةٍ فلابد أن الخوف الشديد أثر في وجعلني أتوهم الكثير من الأشياء التي لا وجود لها أساساً
إلا أن نظرتي تغيرت ووقعت أرضاً وأنا أصرخ بأعلى صوتي عندما تقدمت فتاة صغيرة ذات شعرٍ طويل وجسد مبتلٌ بالدماء وتعابير وجهٍ مخيفه نحوي صرت أزحف وأنا لا أزال اصرخ من شدة صعوبة الموقف وأردد: أنجدوني ، ساعدوني .. أبتعدي عني
ثم استدرت فلم أجدها فتوقفت عن الصراخ وتبللت عيناي بالدموع وأنا أتحدث بصوتٍ منخفض: إنها شبح .. هي شبح وأنا على يقين من ذلك
تمعنت في النظر إلى البرق والمطر الذي مضى على نزوله ساعة وللآن لم يتوقف وهذا لأمرٌ يثير الرعب ، وفي الاستماع إلى صوت الرعد الذي يزلزل الأرض من قوته ومن ثم نظرت إلى منزلنا وبالأخص إلى غرفتي فلمحت ظل شخصان يقفا بجوار نافدتي وكأنهما يتحدثان فيما بينهما
تباطأت دقات قلبي ونهضت من على الأرض وأنا أحاول تجفيف الماء والتساؤل يعتريني: لم أكن أرى المطر يتساقط بهذهِ الكثرة في حياتي قط ، ولم أكن أرى الأشباح لأنها من محض الخيال كما كانت دائماً تقول لي أختي رقية ، ولكن ما يحدث الآن يدل على أنها ليست من محض الخيال بل هي معنا وفي عالمنا ولم تجيء إلا بمجيء المطر ، أهذا يعني أنها أشباح المطر ولن تبتعد وتتركني وشأني إلا إذا توقف المطر ، وليس لي علم متى سيتوقف المطر..! ، إذاً لابدَّ لي من الاختباء في مكانٍ لا تستطيع هذهِ الأشباح ملاحقتي أو الوصول لي فيه إلى أن يتوقف المطر وعندها أعود إلى المنزل فربما في حينها تكون عائلتي قد عادت ، أما إن فضلت الجلوس هنا وانتظارهما فالجنون سيصيبني من الخوف ومما أراه
فُتح باب منزلنا ببطء وخشيت كثيراً من النظر إلى ما سيخرج منه ، فأسرعت أركض وأجوب شوارع المدينة في أصعب ليلة مرت علي - جريت دون توقف وأنا أسمع أصوات صريخ وأناسٌ يستنجدون..! ، إلى ما يرمي كل هذا..؟! ، هل انتشرت الأشباح في كل مكان..؟ ، ماذا تفعل بالناس..؟! ، لمَ كل هذهِ الصرخات..؟! ، آه .. أنه لحقٌ أمر مخيف ويزداد قلبي خوفاً وحزناً كلما تذكرت أنني لوحدي وجهلت مصيري ، فلا أعتقد إنني سأجد مأوى ينجيني منهم إن كانوا في أنحاء المدينة
سمعت ضحكة كانت في أنحاء المكان ثم توقفت وأنا أدور حول نفسي لعلي أجد مصدر الضحكة حينها سمعت صدى صوت الفتاة من جديد وهي تقول: أجل ، لن تستطيع الهروب منا ، لا مجال للهروب يا مجتبى
صرخت بأعلى صوتي من شدة القهر: بـل سأهرب ، لن تنالي مني .. هل تسمعين..؟!
رعدت السماء في لحظة شعرت بكثرة الضجيج من خلفي ، فاستدرت لأجد مجموعة من الأشباح المخيفة تحاول الاقتراب مني والغضب يشتعل في أعينهم والدماء منتشرة في أنحاء جسدهم ، والفتاة التي رأيتها من قبل معهم ورجليها مرتفعتان قليلاً عن الأرض وتحمل في يدها سكين..!
صرت أنظر يميناً ويساراً وأنا أكرر: سأموت .. ما العمل..؟! ، إلى أين أذهب..؟! ، سيصلون إلي
انتهى الجزء الأول ، وسأضـع الجـزء الثانـي عندما أجد أن الجزء الأول قد حاز على إعجابكم واستمعتم بقرائتهِ ولكم النية في إكمال الجزء الثاني | |
|